کد مطلب:167908 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:255

استعراض اهم وقایع ایام الاعداد للثورة
(علی ضوء ما قدّمناه فإنّ جمیع أیّام مسلم بن عقیل علیه السلام فی الكوفة عدا الیوم الاخیر أو الیومین الاخیرین منها تقع فی إطار الایام التی كان فیها الامام علیه السلام بمكّة، فدراستها حسب تقسیمنا لمقاطع هذه الدراسة (مع الركب الحسینی من المدینة الی المدینة) تكون من مختصّات الجزء الثانی، وقد تعرّض مؤلّف الجزء الثانی إلی سفارة مسلم علیه السلام ووقایع أحداث الكوفة أثناءها ما قبل القیام من خلال ثلاث زوایا: حركة الامام علیه السلام، وحركة النظام الاموی فی مواجهة حركته علیه السلام، وحركة الامّة إزاء قیام الامام علیه السلام. لكنّ وقوع دراسة الیوم الاخیر أو الیومین الاخیرین فی إطار مباحث الجزء الثالث فرض علی مؤلّف هذا الجزء أنّ یتعرّض أیضاً إلی وقائع الكوفة نعنی فی أیام مسلم علیه السلام بها منذ بدایتها إلی نهایتها، حتّی یستوفی حقّ دراسة الیوم الاخیر أو الیومین الاخیرین تمام الاستیفاء، وقد شكّل ما أتی به مؤلّف هذا الكتاب تكمیلاً ضروریاً ومهمّاً جدّاً لما أتی به مؤلّف الجزء الثانی، إلاّ أنّ هناك مشتركات كثیرة وواسعة بین البحثین، ولذا فقد استقرّ الرأی من أجل عدم تكرار وإعادة عناوین وتفصیلات ما ورد فی الجزء الثانی من تلك المباحث المشتركة علی أن تُستعرض هنا أهمّ تلك المباحث ملخّصة، ومطعّمة بكلّ استدراك مهمّ فات الجزء الثانی أن یحتویه، ووفّق الجزء الثالث إلی الاتیان به، لیتشكّل من مجموع هذا الاستعراض تمهید مناسب لما سوف یأتی من مباحث تفصیلات وقائع قیام مسلم علیه السلام ومقتله فی هذا الكتاب (المركز)) خرج مسلم بن عقیل علیه السلام [1] من مكّة المكرّمة سفیراً للامام الحسین علیه السلام إلی أهل الكوفة فی منتصف شهر رمضان سنة ستین للهجرة، ودخل الكوفة فی الیوم الخامس من شهر شوّال من نفس ‍ السنة، [2] وكان الامام علیه السلام قد سرّح معه قیس بن مسّهر الصیداوی (رض)، وعمارة بن عبید اللّه السلولی (ره)، وعبداللّه


وعبدالرحمن ابنا شدّاد الارحبی (رض). [3] وقیل: بعث معه أیضاً عبداللّه بن یقطر (رض). [4] .

وقد أوصی الامام علیه السلام مسلم بن عقیل علیه السلام أن ینزل عند أوثق أهل الكوفة قائلاً: (فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها)، [5] وقد روی أنّه نزل عند مسلم بن عوسجة (رض)، [6] كما روی أنه نزل عند هانی بن عروة (رض) ابتداءً، [7] لكنّ الاشهر هو أنّ مسلماًعلیه السلام نزل فی دار المختار بن أبی عبید الثقفی (ره) ابتداءً ثمّ تحوّل منها بعد ذلك إلی دار هانی (رض). [8] .

وكان الامام الحسین علیه السلام قد جعل مبادرته وإسراعه فی القدوم علی أهل الكوفة منوطاً بما إذا كتب إلیه مسلم علیه السلام بأنّ حقیقة حالهم علی مثل ما قدمت به رسلهم وكتبهم، إذ كتب علیه السلام فی رسالته الاولی إلیهم: (... فإنْ كتب إلیَّ أنّه قد اجتمع رأی ملاكم وذوی الحجی والفضل منكم علی مثل ما قدمت به رسلكم وقرأتُ فی كتبكم فإنّی اقدم إلیكم وشیكاً إن شاء اللّه...). [9] .


وفی روایة أخری أنّ الامام علیه السلام كتب إلیهم فی تلك الرسالة قائلاً: (فإنّ كنتم علی ماقدمت به رسلكم وقراءتُ فی كتبكم، فقوموا مع ابن عمّی وبایعوه ولاتخذلوه...). [10] .

ویُستفاد من هذا النصّ أنّ مهمّة مسلم علیه السلام فی الكوفة لم تكن منحصرة فی إطار إعداد وتعبئة أهل الكوفة حتّی یأتی إلیهم الامام علیه السلام فیقوموا معه ضد الحكم الامویّ، وكتابة التقاریر المتوالیة إلی الامام علیه السلام بحال أهل الكوفة والتحوّلات الجاریة آنذاك، بل كان من صلاحیة مسلم علیه السلام فی ظرف استثنائی أن یبادر هو إلی القیام بأهل الكوفة ضدّ السلطة الامویة هناك ما رأی ذلك مناسباً حتّی قبل مجیء الامام علیه السلام، وهذا ما حصل بالفعل حینما أضطُرَّ مسلم علیه السلام نتیجة الظروف الاستثنائیة الطارئة بعد اعتقال هانی بن عروة (رض) إلی أن یبادر إلی القیام یومذاك بمن معه.


[1] مرّت بنا في الجزء الثاني من هذه الدراسة ترجمة مفصلة وافية لسيّدنا مسلم عليه السلام، فراجعها في الفصل الاوّل منه في الصفحات: 42-60.

[2] راجع: مروج الذهب، 3: 55.

[3] راجع: الارشاد:186؛ وتأريخ الطبري، 3:277 / وقد مرّت تراجم هؤلاء الاعلام الثلاثة في الجزء الثاني: ص 69 73 وص 42 وص 42-44 علي التوالي.

[4] راجع: إبصار العين: 94؛ وقد مرّت ترجمة ابن يقطر في الجزء الثاني أيضاً: ص 170.

[5] الفتوح، 5:36؛ ومقتل الخوارزمي، 1:196.

[6] راجع: تأريخ الطبري، 3:275؛ وانظر: مروج الذهب، 3:55؛ وقد مرّت ترجمة لمسلم بن عوسجة (رض) في الجزء الثاني: ص 53.

[7] راجع: سير أعلام النبلاء، 3:299.

[8] راجع: الارشاد: 186؛ وتأريخ الطبري، 3:279 وإبصار العين:80؛ وقد مرّت ترجمة للمختار بن أبي عبيد الثقفي (ره) في الجزء الثاني: ص 54-55.

[9] الارشاد: 186؛ وتأريخ الطبري، 3:278؛ والاخبار الطوال: 231.

[10] الفتوح، 5:35؛ ومقتل الخوارزمي، 1 :195-196.